أصبحت الشركات المغربية تدرك أهمية الذكاء الاصطناعي في تحسين كفاءتها التشغيلية وتعزيز قدراتها التنافسية. فقد كشفت دراسة حديثة أجرتها مؤسسة "PWC" البريطانية أن 71% من الشركات في المغرب تعتزم تبني الذكاء الاصطناعي في عملياتها خلال السنوات الثلاث المقبلة. ويعد تقليل التكاليف التشغيلية وتحسين الأداء من أبرز الدوافع وراء هذا التوجه، لا سيما في قطاعات الإنتاج والخدمات.
وقال جوناثان لو هنري، المسؤول الاستراتيجي لمؤسسة "PWC" في منطقة المغرب العربي، إن "التحول الرقمي أصبح ضرورة لتعزيز القدرة التنافسية"، مشيرًا إلى أن الشركات المغربية تتبنى هذه التوجهات بسرعة لمواكبة التطورات العالمية.
على الرغم من الفوائد العديدة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، إلا أن اعتماده يثير مخاوف بشأن تأثيره على سوق العمل، خاصة في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على العمالة التقليدية، مثل التصنيع والخدمات المالية.
وتشير الدراسة إلى أن 19% فقط من مديري الشركات المغربية يخططون لاستخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة الموارد البشرية، وهو رقم منخفض مقارنةً بالشركات العالمية، حيث يتوقع أن تصل نسبة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في هذا المجال إلى 50% بحلول عام 2030.
إلى جانب التوجه نحو الذكاء الاصطناعي، أبدت الشركات المغربية اهتمامًا متزايدًا بالاستدامة البيئية. وأظهرت الدراسة أن 45% من رجال الأعمال المغاربة يولون أهمية كبرى للتحول نحو اقتصاد صديق للبيئة، ويحرصون على متابعة التشريعات البيئية المتعلقة بخفض انبعاثات الكربون. ورغم أن هذا الالتزام يعكس توجهًا إيجابيًا، فإنه يفرض تحديات تتعلق بالموازنة بين الرقمنة والاستدامة في ظل بيئة اقتصادية تنافسية.
من المتوقع أن يساهم الذكاء الاصطناعي بحوالي 15.7 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، ما يفتح آفاقًا واسعة للاستثمار والابتكار. إلا أن نجاح الشركات المغربية في هذا المجال سيعتمد على قدرتها على التكيف مع التحول الرقمي، وضمان استقرار سوق العمل وسط المتغيرات التكنولوجية المتسارعة.
يعد توجه الشركات المغربية نحو الذكاء الاصطناعي خطوة حاسمة نحو تعزيز كفاءتها التنافسية، لكنه يأتي مع تحديات تتعلق بالوظائف التقليدية والاستدامة البيئية. ويبقى نجاح هذا التحول رهينًا بمدى قدرة الشركات على تحقيق التوازن بين الابتكار التكنولوجي والمحافظة على استقرار سوق العمل والاقتصاد المحلي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق